لماذا الإصرار على زرع لغم قانون المستشفيات الجامعية فى جسد الدولة وممارسة كل ألاعيب وحيل الحزب الوطنى الشيطانية لتمريره، يرسله وزير التعليم العالى إلى الجامعات فى السر، ثم يتنصل منه فى الفضائيات. القانون صار كالطفل اللقيط يتنصل منه أهله رافضين تحاليل الـ«دى إن إيه» لإثبات النسب! نظل ندور مثل الثور مغمى العينين فى ساقية: لأ مش دى ورقة القانون، فين الورقة، فين السنيورة؟ وكأننا نلعب لعبة الثلاث ورقات، إنها لعبة جس النبض التى يلعبها بعض المسئولين قبل تفجير النابالم القانونى، وضع أساتذة الجامعة أمام الأمر الواقع. وصلتنى رسالة من د. مها جعفر، الأستاذة بطب قصر العينى، تعليقاً على هذا القانون، تقول د. مها فى رسالتها: بلا مقدمات.. أليس غريباً أن يظل سيادة وزير التعليم العالى يروّج لمشروع قانون المستشفيات الجامعية فى كل البرامج الفضائية بمنتهى الحماس مستخدماً كل أساليب التلميع للمشروع والتشويه لأعضاء هيئة تدريس كليات الطب بكلام مرسل غير مقبول، وذلك حتى بعد أن تم رفضه بالإجماع من جميع كليات الطب بمصر ولثالث مرة؟ كل المؤشرات تدل على أن المنظومة الطبية المصرية مستهدفة منذ سنوات، والأدلة كثيرة لمن يريد أن يعرفها، ولن يُعفى أحد من المسئولية حتى بعد أن يترك منصبه يوم أن يقع المحظور ونخسر منظومتنا الطبية، وسيكون كل ما نحذر منه شاهداً عليه حينها. إنه مشروع المستشفيات الجامعية، المشروع الذى لا نعرف له صاحباً، فالسيد وزير التعليم العالى يقول إنه منذ عام ٢٠٠٦ وشركة «ماكنزى» للسمسرة قد اقترحته، وما أدراك ما شركة «ماكنزى» التى ضيعت على مصر مليارات فى مشاريع الخصخصة السابقة، وذلك بعد أن تقاضت الملايين لتقوم بعمل هذا الطرح الذى يتبناه ويروّج له معالى الوزير، فى نفس الوقت نجد تصريحات من رئيس المجلس الأعلى للجامعات يتبرأ فيها من هذا القانون ويقول إن هذا المشروع فكرة وزير التعليم العالى وعدد من رؤساء الجامعات. ما علينا من أصل طرح المشروع، أود أن أسأل السيد الوزير عن تفاصيل بعض تصريحاته المتناقضة.. سعادة الوزير، كيف تقول بمنتهى الثقة إن ميزانية المستشفيات الجامعية جيدة وكافية فى نفس الوقت الذى تقول فيه إننا كثيراً ما نعتمد على التبرعات لتكملة الاحتياجات؟ وعلى أى أساس تروج دائماً أن المشاكل جميعها تنتج من تقصير أعضاء هيئة التدريس فى أوقات وجودهم؟ أين دليلك على ذلك؟ ولو أن هذا صحيح بنسبة ما فهل هذا القانون سيحل هذه المشكلة الكبيرة من وجهة نظرك؟ كيف، يا سيادة الوزير، ستأتى بميزانية جديدة للتعاقد مع هيئة طبية كاملة لثمانية وثمانين مستشفى جامعياً؟ سيادة الوزير، لقد قلت فى البرنامج التليفزيونى: أطلقوا أيادينا بالتشريع كى نأتى لكم بموارد من الجامعة والمستشفيات؟ من أين ستأتى بموارد دون الضرر بالمريض غير المقتدر وبطالب الطب؟ منظومة تعليم الطب والمستشفيات الجامعية ليس الأساس فيها الربحية، أم تقصد سيادتك، وبمنتهى الصراحة، التمهيد إلى الخصخصة فى النهاية؟ خاصة أن قانونكم ينص على تكوين لجنة أمناء لكل مستشفى به أربع شخصيات من المجتمع المدنى فى المادة الثامنة؟ وما المقصود بهذه اللجنة، ولماذا بها أفراد من المجتمع المدنى وغالباً سيكونون رجال أعمال.. هل تعرف رجال أعمال يتبنون مؤسسات حكومية لوجه الله؟ وأخيراً، أحذرك سيادة الوزير من تغيير الوضع القانونى لهذه المستشفيات، والبداية فى المادة الأولى التى تنص على فصل المستشفى مادياً وفنياً وإدارياً عن كليات الطب. ومناشدتى ستكون لسيادة رئيس الجمهورية الوطنى عبدالفتاح السيسى، أرجوك، ثم أرجوك، توخَّ الحذر ممن يريدون النيل من منظومتنا الصحية مدعين الإصلاح فى عهدك، فهى سلسلة ممتدة من المحاولات، وأرجو الاهتمام بسماع وجهة النظر الأخرى، فهناك الكثير والكثير من التفاصيل التى لا مجال لها فى هذا المقال، وإذا كان على الإصلاح فهناك أفكار كثيرة من عقول مصرية خالصة، ولدينا ما يكفينا من القوانين التى تنتظر الإدارات القوية للتطبيق. سيادة الرئيس، ما جعلنى تشجعت وكتبت هذه المناشدة هو أننا نثق فى سيادتكم وحكمتكم وحبكم للوطن بلا أى حسابات، ودعوتى الدائمة لكم ولنا، اللهم أنر البصائر.